محمد عضو مبتدئ
عدد المساهمات : 104 تاريخ التسجيل : 15/12/2009
| موضوع: تشبيه خاطئ الأربعاء يناير 20, 2010 1:09 pm | |
| منذ عدة سنوات كنت قد وصلت إلى سالامانكا مساءً ، و كان عليَّ أن أبدل قطاري بآخر للنوم . كان الازدحام شديداً في محطة القطارات، فالجميع ينتظرون قطار النوم . سألت شاباً يعمل في مكتب قطع التذاكر إن كان باستطاعتي الحصول على تذكرتين، فأجاب : " لا " و أغلق زجاج الكوة بوجهي. صادفت مراقب قطارات بعد قليل ، و سألته إن كان باستطاعته تأمين زاوية ما في عربة منامة ما في قطار النوم، لكنه نظر بتهكم ، و قال : " لا ..لا يوجد أي مكان صغير ، فكل الزوايا مشغولة، فلا تزعجني!.." ثم استدار و تابع سيره في اتجاه معاكس.
شعرت بالإهانة ، فقلت لمرافقي : " إنهم يتكلمون معي بهذه الطريقة لأنهم لا يعرفون من أنا... لو عرفوا من أنا لـ.... " لكن صديقي قاطعني قائلاً: لا تتفوه بتفاهات..هل تعتقد أنهم لو عرفوك حقاً لأعطوك مكاناً مريحاً في قطار لا يوجد فيه أي مكان شاغر؟.. إن هذا كثير! "
بعد قليل عاد مراقب القطارات فقلت له بصوت لطيف أن اسمي مارك توين ، لكنه حدق بي شزراً و قال: " قلت لك ألاَّ تزعجني أكثر ، ألا تفهم! " و تابع سيره دون اكتراث!
نظرت يميناً و يساراً بيأس و قنوط ، و فجأة لاحظت ذلك الشاب من مكتب قطع التذاكر ، ينظر تجاهنا و يهمس بإذن مراقب قطارات آخر ، و يشير بسبابته نحوي، فأتى المراقب ، سألني بصوت فيه احترام كبير: " هل أستطيع تقديم أية خدمة لكم يا سيدي؟ هل تريدون مكاناً في قطار النوم؟" قلت: " نعم ، بالتأكيد! " قال بكل تهذيب: " في الحقيقة لم يبق لدينا إلا مقصورة واحدة شاغرة في عربة العائلات" ثم أشار لشاب يتبعه و قال له: " خذ هذه الحقائب إلى مقصورة العائلات الفخمة ! " و نقر قبعته احتراماً لنا و مشى معنا حتى المقصورة ، التي بدت في غاية الترتيب و الراحة ، و سأل: " هل تحتاجون لشيء آخر! أي شيء؟.. لأنكم تستطيعون الحصول على ما تريدون أو ترغبون!" قلت: " هذا المصباح عال جداً، هل من الممكن إحضار مصباح آخر قريب المنال ، كي أستطيع القراءة براحة أكبر!" أجاب بسرعة: " نعم بالطبع يا سيدي، سأحضر مصباحاً من المقصورة المجاورة ، وأثبته قرب السرير، نعم يا سيدي ، اطلب ما يحلو لك!" قال ذلك و اختفى، هنا ابتسمت لصديقي و قلت بتحدٍ: " حسناً و ماذا تقول الآن؟! ألم تلاحظ فرق المعاملة بعد أن عرفوا أن اسمي مارك توين؟"
عندما كنت أحدث صديقي هذه الكلمات أطل الشاب بائع التذاكر و هو يبتسم ملقياً الخطاب التالي: " لقد عرفتكم يا سيدي في اللحظة التي رأيتكم بها أول مرة، فأخبرت مراقب القطار بذلك فوراً " فقلت له و أنا أربت على كتفه: " و من أنا؟!" قال بفخر و صوت جهوري : " إنكم يا سيدي محافظ نيويورك ، السيد ماك كيلان." ثم اختفى .
| |
|